اسم الکتاب : تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن المؤلف : الثعالبي، أبو زيد الجزء : 1 صفحة : 520
بشيء من إنفاقهم ذلك، وهو كَسْبهم.
وقوله تعالى: وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ إِما عمومٌ يراد به الخصوصُ، ويحتمل لا يهْدِيهِمْ في كفرهم إِذ هو ضلالٌ محضٌ، ويحتمل: لا يهديهم في صدَقَاتِهِم، وأعمالِهِم، وهم على الكفر.
[سورة البقرة [2] : الآيات 265 الى 266]
وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصابَها وابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَها ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (265) أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَأَصابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفاءُ فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (266)
وقوله تعالى: وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ ... الآية: من أساليب فصاحة القرآن أنه يأتي فيه ذكْرُ نقيضِ ما يتقدَّم ذكره ليتبيَّن حال التضادِّ بعرضها على الذهْن، ولما ذكر اللَّه صدقاتِ القوم الذين لا خَلاَق لصدَقَاتهم، ونَهَى المؤْمنين عن مواقَعَة ما يشبه ذلك بوَجْهٍ مَّا، عَقَّبَ في هذه الآية بذكْرِ نفقاتِ القَوْم الذين بذَلُوا صدقاتِهِمْ على وجْهها في الشرع، فضرب لها مثلاً، وتقدير الكلام: ومَثَلُ نفقةِ الذين ينفقون كَمَثَلِ غارِسِ جَنَّة، أو تقدِّر الإِضمار في آخر الكلام، دون إِضمار في أوله كأنه قال: كَمَثَلِ غارِسِ جَنَّةِ- وابتغاء: معناه طلب، وهو مصدر في موضع الحالِ- وتَثْبِيتاً: مصدر، ومَرْضَاة: مصدر من: رَضِيَ.
قال ص: ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتاً كلاهما مفعولٌ من أجله، وقاله مكِّيٌّ، وردَّه ابن عَطيَّة [1] بأن ابتغاء: لا يكون مفعولاً من أجله، لعطف: «وَتَثْبِتاً» عليه، ولا يصحُّ في «تثبيت» أنْ يكون مفعولاً من أجله لأنَّ الإِنفاق ليس من أجل التثبيت وأجيب: بأنه يمكن أنْ يقدَّر مفعولُ التثبيت الثوابَ، أي: وتحصيلاً لأنفسهم الثوابَ على تلك النفقة فيصحّ أنْ يكون مفعولاً من أجله، ثم قال أبو حَيَّان [2] ، بعد كلام: والمعنى أنَّهم يُثَبِّتُونَ من أنفسهم على الإِيمان، وما يرجُونه من اللَّه تعالى بهذا العمل. انتهى. [1] ذكره ابن عطية (1/ 358) . [2] ذكره أبو حيان (2/ 323) .
اسم الکتاب : تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن المؤلف : الثعالبي، أبو زيد الجزء : 1 صفحة : 520